شفاء العليل شرح منار السبيل
مسح جميع ظاهر الرأس
قوله: [ثم يمسح جميع ظاهر رأسه من حد الوجه إلى ما يسمى قفا والبياض فوق الأذنين منه ] لقوله تعالى: رسم> وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ قرآن> رسم> والباء للإلصاق، فكأنه قال: وامسحوا رؤوسكم، ولأن الذين وصفوا وضوءه -صلى الله عليه وسلم- ذكروا أنه مسح برأسه كله، ولا يجب مسح ما استرسل من شعره. قال في الكافي والشرح وظاهر قول أحمد اسم> أن المرأة يجزئها مسح مقدم رأسها؛ لأن عائشة اسم> كانت تمسح مقدم رأسها.
الشرح: أي ثم يمسح جميع رأسه بيديه مبتدئا بمقدم رأسه وذاهبا بيديه إلى مؤخره ليعم كل رأسه- كما سبق بيانه- لأن الباء في قوله تعالى: رسم> وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ قرآن> رسم> للإلصاق، أي ألصقوا المسح برؤوسكم، أي المسح بالماء، وهذا بخلاف ما لو قيل (امسحوا رؤوسكم) فإنه لا يدل على أنه ثم شيء يلصق.
ويسن أن يكون مسح الرأس بماء جديد غير ما فضل من غسل ذراعيه، ودليل ذلك ما روي عن عبد الله بن زيد اسم> أنه قال: رسم> مسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسه بماء غير فضل يديه متن_ح> رسم> وقد روي من غير وجه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخذ لرأسه ماء جديدا.
والمسنون لا مسح الرأس أن يبدأ بيديه مبلولتين من مقدم رأسه فيضع طرف إحدى سبابتيه على طرف الأخرى، ويضع الإبهامين على الصدغين، ثم يمرهما إلى قفاه، ثم يردهما إلى مقدمه، لحديث عبد الله بن زيد اسم> رسم> فمسح -أي النبي -صلى الله عليه وسلم-- رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه متن_ح> رسم> .
ويكون المسح بماء واحد، فلا يأخذ للرد ماء آخر، لعدم ورود ذلك عنه -صلى الله عليه وسلم-.
ولا يسن تكرار مسح الرأس، بل يمسحه مرة واحدة؛ لأن جماعات من الصحابة رووا صفة وضوئه -صلى الله عليه وسلم رأس> - وأنه مسح رأسه مرة واحدة مع غسله بقية الأعضاء ثلاثا ثلاثا؛ ولأن المسح واجب فلم يسن تكريره كمسح التيمم والخف؛ ولأن التكرار يؤدي إلى أن يصير المسح غسلا.
قال شيخ الإسلام: (مذهب الجمهور أنه لا يستحب مسحه ثلاثا، وهو أصح، فإن الأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تبين أنه كان يمسح رأسه مرة واحدة؛ ولهذا قال أبو داود السجستاني اسم>
أحاديث عثمان اسم> الصحاح تدل على أنه مسح مرة واحدة وبهذا يبطل ما رواه من مسحه ثلاثا فإنه يبين أن الصحيح أنه مسح رأسه مرة، وهذا المفصل يقضي على المجمل، وهو قوله: رسم> وتوضأ ثلاثا ثلاثا متن_ح> رسم> ...) وقال ابن القيم اسم> (الصحيح أنه لم يكرر مسح رأسه، بل كان إذا كرر غسل الأعضاء أفرد مسح الرأس، هكذا جاء عنه صريحا، ولم يصح عنه -صلى الله عليه وسلم- خلافه البته، بل ما عدا هذا إما صحيح غير صريح كقول الصحابي (توضأ ثلاثا ثلاثا) وكقوله (مسح برأسه مرتين) وإما صريح غير صحيح كحديث ابن البيلماني اسم> عن أبيه عن عمر اسم> أن -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> من توضأ فغسل كفيه ثلاثا..- ثم قال- ومسح برأسه ثلاثا متن_ح> رسم> وهذا لا يحتج به، و ابن البيلماني اسم> وأبوه مضعفان) وقال الحافظ ابن حجر اسم> (ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح إن صحت على إرادة الاستيعاب بالمسح لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس جمعا بين الأدلة) .
وقول الشارح: (ولا يجب مسح ما استرسل من شعره) أي أنه إذا كان طويل الشعر لم يجب أن يمسح ما استرسل من شعره، بل يقتصر على مسح الشعر النابت على الرأس، وأما المرأة فإنه يجزئها أن تمسح مقدم رأسها لفعل عائشة اسم> - رضي الله عنها- لكنها تكمل بالمسح على الخمار كمسح الرجل ناصيته وعمامته.
مسألة>